الخميس، 26 فبراير 2009

محمد بوكرين المقاوم والمعتقل السياسي في عهد ثلاثة ملوك



محمد بوكرين

4 نونبر 1935 ولد بقرية تاكزيرت بإقليم بني ملال، 1953 التحق بالمنظمة السرية التي كان يقودها الشهيد الزرقطوني، 1960 قاد على جانب البشير انتفاضة مسلحة ضد الجيش المغربي بقيادة مولاي حفيظ، 1973 اعتقل عقب أحداث مولاي بوعزة، 1983 اعتقل وحوكم بثلاث سنوات عقب أحداث انشقاق الإتحاد الإشتراكي، 2000 تعرض لنزيف حاد في الدماغ نجى على إثره من الموت بأعجوبة 06 يونيو 2007 اعتقل بتهمة المس بالمقدسات.
لم يكن ينتظر محمد بوكرين في أيام الستينات أن يمهله الموت كثيرا، كان يشاهد رفاقه وهم يسقطون الواحد تلو الآخر من لم يقتله أفقير بصيغة مازيلا الشهيرة في الطريق الرابطة بين قصبة تادلة وبني ملال، كان الجوع والعطش وظروف الإعتقال كافية بأداء المهمة التي تصبح مقدسة لدى المعتقلين آنذاك لإنهاء ماسيهم الطويلة وكوابيس التعذيب، كان محمد بوكرين ينتظر المصير المحتوم ولم يكن ينتظر أبدا أن تصدر المحكمة بعد سبع سنوات من اعتقاله ورفاقه حكما بالبراءة لقد قاد قبل ذلك إحدى أكبر إنتفاضات المغرب المسلحة رفقة القائد البشير بن التهامي انطلقت بعملية اغتيال اغتيال عميد الشرطة اقبلي وسط مدينة بني ملال وانتهت باعتصام الثوار بحبل كوسر بنواحي واويزغت بإقليم أزيلال وقغت على إثرها مواجهات مسلحة بين الثوار والجيش تحت قيادة الجنرال القوي آنذاك مولاي حفيظ العلوي.
لقد قدر للشاب محمد بوكرين حينئذ أن كان بين أول المعتقلين في تاريخ المغرب المستقل في نهاية حكم الملك الراحل محمد الخامس كان الشاب الذي رأى النور في صباح يوم بارد من أيام نونبر بقرية تاكزيرت الجميلة بسفح جبال الأطلس المتوسط في سنة 1935 من بين قلة قليلة من ابناء القرية الذين حظوا بالتعليم حيث التحق بمدينة القصيبة المجاورة بمدرسة ( موحى وسعيد ) قبل أن ينتقل إلى أزرو ممنيا نفسه بإكمال دراسته بمؤسسة ( ليس طارق بن زياد الشهيرة لكن الفتى الأمازيغي لم يتمكن من كتم نشاطه الوطني والسياسي المبكر ليفصل على إثرها من الدراسة.
لم يقف الفتى محمد بوكرين مكتوف الأيدي بعد فصله من الدراسة إذ سرعان ما انخرط في حزب الإستقلال وعمره لم يتجاوز 15 سنة ليلتحق بعد ثلاث سنوات بالمنظمة السرية التي كان بقودها الشهيد الزرقطوني المنظمة التي أذكت في ابن الثمانية عشر ربيعا حبا للعمل المنظم وكرها للمغتصب والمستعمر كانت أحلام الكثير من الشباب المغربة مرهونة ببزوغ فجر الإستقلال كان الشباب آنذاك يطمح لبناء مغرب مستقل لا وجود فيه للخونة وعملاء الاستعمار لكن صدمات الأمر الواقع كانت قوية بتولي العديد ممن كان يقدم خدمات للإستعمار مناصب القرارمقابل تهميش المقاومة ورجالاتها ومحاصرة جيش التحرير لذلك لم يتردد محمد بوكرين في المشاركة في أول انتفاضة مسلحة شهدتها جهة تادلة أزيلال بقيادة البشير بن التهامي ساهم في ذلك مسؤوليته كاتبا إقلميا للإتحاد الوطني للقوات الشعبية الخزان الأول لتلك الإنتفاضة.
بعد خروج محمد بوكرين من معتقله التحق بمعمل السكر بسوق السبت بعدما فقد عمله السابق مدرسا وبعدها كاتبا بالجماعتات المحلية كان التحاقه بمعامل السكر بداية اخرى من فصول نضاله إذ ساهم في تأسيس العمل النقابي بل وكان من الذين حسموا صراعات الأجنحة النقابية آنذاك داخل الإتحاد الوطني للقوات الشعبية في بداية السبعيناتلكن موعد بوكرين مع الإعتقال لم ينته بعد ففي سنة 1973 سيفقد عمله إلى يومنا هذا ويعتبر موقوفا عن العمل بعدما اعتقل من داخل نفس المعمل، وستكون المناسبة هذه المرة الإعتقالات التي تلت أحداث مولاي بوعزة التي قادها بنونة وعمر دهكون، حيث حكم على بوكرين بثلاثسنوات بتهم كحيازة الخرائط العسكرية وتهريب الثوار والفارين...
لم يعتزل محمد بوكرين العمل السياسي عنه بل التحق بعد الإفراج عنه بل التحق مجددا بحزب الإتحاد الإشتراكي وانتخب عضوا للجنته افدارية سنة 1978 كما كان من المؤسسين للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ليساهم بعد ذلك في تأسيس الجمعية المغربية احقوق الإنسان رفقة بنعمرو والحيحي وآخرون في سنة 1979 ولأن مدينتي الفقيه بن صالح وبني ملال شهدتا العمليات الأولى للإنشقاق داخل حزب الإتحاد الإشتراكي فقد اعتقل بوكرين من جديد في 15 مارس 1981 ليقضي بعدها سنة ونصف رهن الإعتقال ومباشرة بعد خروجه من السجن اشتد الصراع بين الإخوة الأعداء آنذاك في أول عملية انشقاق داخل الحزب تدخل على إثرها الأمن ليكون فاصلا بين المناضلين داخل الحزب الواحد ليعتقل العديد من أعضاء حزب الإتحاد الإشتراكي في أحداث 8 ماي 1983 بتهمة الهجوم على مسكن الغير ( أي المقر المركزي للإتحاد الإشتراكي بالرباط ) كان من بينهم محمد بوكرين الذي قضى ثلاث سنوات جديدة بالسجن.
بعد خروج بوكرين من السجن استمر في مسؤوليته كقيادي في اللجنة الإدارية الوطنية الإتحاد الإشتراكي ، الذي سيتحول فيما بعد إلى تسمية جديدة حزب الطليعة الديمقراطي افشتراكي حيث انتخب محمد بوكرين عضوا للكتابة الوطنية للحزب.
لم يعد محمد بوكرين يملك تلك القوة الخارقة على الحركة وعلى التنظيم، وتلك الدينامية التي يشهد له بها خصومه قبل رفاقه كان النزيف الدموي الحاد الذي تعرض له في بداية سنة 2000 كافيا لأن يدق ناقوس الخطر لم يعد محمد بوكرين ذلك الشاب اليافع الذي لا تقف دونه الحواجز مهما بلغت بلغت شدتها أصبح محمد بوكرين قلما يتكلم في المنتديات والقاءات السياسية ويكاد يقسم من لم يعرفه قبل أن الرجل ببساطته ليس هو بوكرين الذي قاوم الإستعمار وشارك في انتفاضة مساحة وقضى 14 سنة ونصف بالمعتقلات السرية ويسجون المغرب... وفي فورة النقاش السياسي الذي واكب اعتلاء محمد السادس الحكم، وكيفية التعامل مع تركة الماضي وجد محمد بوكرين نفسه بتلقائية منخرطا في تأسيس هيئة تدافع عن ضحايا سنوات الجر والرصاص فكان أن انتخب عضوا في المجلس الوطني للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف قبل أن ينتخب رئيسا للفرع الجهوي للنتدى بإقليمي بني ملال وأزيلال، ويساهم في كشف العديد من الإنتهاكات التي عرفتها جهة تادلة أزيلال، ويكون بمثابة ذاكرة متنقلة لجل الأحداث التي عرفتها الجهة منذ بداية الإستقلال لم يتقدم محمد بوكرين بملف قصد تعويضه عن ما تعرض له من انتهاكات لهيئة الإنصاف والمصالحة لقناعته أن من ناضل إنما قدم ذلك من أجل وطن حر وكريم، وبقي يدافع عن ضرورة اعتذار الدولة لضحاياها وعن الكشف عن أسماء الجلادين والتوطين في الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي الوقت الذي أعلن فيه حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي مشاركته في الإنتخابات التشريعية المقبلة واستعداد الحزب للدخول لأول مرة لقبة البرلمان بعد عقود من المقاطعة كان بوكرين وبشهادة المقربين منه غير راض بهذا القرار لإيمانه حسب إفادات بعض المقربين منه أن الشروط لم تنضج بعد من أجل المشاركة لكنه وحسب نفس المصادر لم يكن هذا جيل جديد ومن حقه أن يتحمل مسؤوليته.
كان بوكرين لا يتخلف عن أي مسيرة احتجاجية او وقفة منددة بالخروقات أو مساندة لقضايا الشعب المغربي والأمة العربية لذلك كان الطبيعي أن لا يتخلف عن الوقفة التضامنية التي دعت إليها الهيئة المحلية ببني ملال للتضامن مع معتقلي فاتح ماي المتابعين بتهمة المس بالمقدسات لم يكن يعلم بوكرين ورفاقه أنهم سيتابعون بنفس التهمة وسيعود محمد بوكرين للزنزانة بعد بلوغه الثانية والسبعين من العمر ليكون بذلك أكبر معتقلي الرأي بالمغرب ويعتقل في عهد ثلاثة ملوك بعدما اعتقل في عهد محمد الخامس وفي عهد الحسن الثاني والآن في عهد محمد السادسن افرج عن باقي المعتقلين وأبقى على محمد بوكرين رهن الإعتقال وخكم بينة من السجن.
محمد بوكرين الذي نجا من الموت بأعجوبة مرات عديدة في المعتقلات السرية، بوكرين الذي فقد رئته اليسرى في المعتقلات بوكرين الذي كان من المساعهمين في استقلال المغرب، يقضي أيامه بسجن بني ملال بجوار سجناء الحق العام دون أن يتمتع بوضع اعتباري لكون معتقلا سياسيا، بوكرين الذي أحرج وسيحرج اعتقاله الدولة المغربية

هناك تعليق واحد:

  1. سيدي الكريم حجاج

    تحية طيبة

    من دواعي سروري التعرف على مدونتك الكريمة

    كنت عن أدب السجون حين وجدت مدونتك هذه لقرأ معها مقالتك المفيدة جدا ، والتي تحمل القدر الكثير من المعلومات ، وكأنك لا تتحدث عن شخص كأنك تتحدث عن ألاف الأشخاص في أقطار الوطن العربي وليس في المغرب وحده .

    أنها ذات المأساة تتكرر دائما ، حقيقة لا أذيعك سرا أن قلت أني ظننت أن وضع السجون السياسية أختفى في عهد محمد السادس ، حيث أن عهد والده كان (زاهرا) بها


    لك تقديري

    ردحذف